سورة الحج - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الحج)


        


قوله تعالى: {ألم تر أن الله سخَّر لكم ما في الأرض} يريد البهائم التي تُركَب {ويُمسك السماء أن تقع على الأرض إِلا بإذنه} قال الزجاج: كراهة أن تقع. وقال غيره: لئلا تقع {إِن الله بالناس لرؤوف رحيم} فيما سخَّر لهم وفيما حبس عنهم من وقوع السماء عليهم. {وهو الذي أحياكم} بعد أن كنتم نطفاً ميتة {ثم يُميتكم} عند آجالكم {ثم يُحييكم} للبعث والحساب {إِن الإِنسان} يعني: المشرك {لكفور} لِنعَم الله إِذ لم يوحِّده.


قوله تعالى: {لكلِّ أُمَّة جعلنا مَنْسَكاً} قد سبق بيانه في هذه السورة [الحج: 34] {فلا يُنَازِعُنَّكَ في الأمر} أي: في الذبائح، وذلك أن كفار قريش وخزاعة خاصموا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر الذبيحة، فقالوا: كيف تأكلون ما قتَلتم ولا تأكلون ما قتله الله؟! يعنون: الميتة.
فإن قيل: إِذا كانوا هم المنازعين له، فكيف قيل: {فلا يُنَازِعُنَّكَ في الأمر}؟
فقد أجاب عنه الزجاج، فقال: المراد: النهي له عن منازعتهم، فالمعنى: لا تنازعنَّهم، كما تقول للرجل: لا يخاصمنَّك فلان في هذا أبداً، وهذا جائز في الفعل الذي لا يكون إِلا من اثنين، لأن المجادلة والمخاصمة لا تتم إِلا باثنين، فإذا قلت: لا يجادلنَّك فلان، فهو بمنزلة: لا تجادلنَّه، ولا يجوز هذا في قولك: لا يضربنَّك فلان وأنت تريد: لا تضربنَّه، ولكن لو قلت: لا يضاربنَّك فلان، لكان كقولك: لا تضاربنَّ، ويدل على هذا الجواب قوله: {وإِن جادلوك}.
قوله تعالى: {وادع إِلى ربِّك} أي: إِلى دينه والإِيمان به. و{جادلوك} بمعنى: خاصموك في أمر الذبائح، {فقل الله أعلمُ بما تعملون} من التكذيب، فهو يجازيكم به. {الله يحكم بينكم يوم القيامة} أي: يقضي بينكم {فيما كنتم فيه تختلفون} من الدِّين، أي: تذهبون إِلى خلاف ما ذهب إِليه المؤمنون؛ وهذا أدب حسن علَّمه الله عباده ليردُّوا به مَن جادل على سبيل التعنُّت، ولا يجيبوه، ولا يناظروه.
فصل:
قال أكثر المفسرين: هذا نزل قبل الأمر بالقتال، ثم نسخ بآية السيف. وقال بعضهم: هذا نزل في حق المنافقين، كانت تظهر من أقوالهم وأفعالهم فلَتات تدل على شركهم، ثم يجادِلون على ذلك، فوكل أمرهم إِلى الله تعالى، فالآية على هذا محكمة.
قوله تعالى: {ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض} هذا استفهام يراد به التقرير؛ والمعنى: قد علمتَ ذلك، {إِنَّ ذلك} يعني ما يجري في السموات والأرض {في كتاب} يعني: اللوح المحفوظ، {إِن ذلك} أي: عِلْم الله بجميع ذلك {على الله يسير} سهل لا يتعذَّر عليه العلم به.


قوله تعالى: {ويَعْبُدون} يعني: كفار مكة {ما لم ينزّل به سلطاناً} أي: حُجة {وما ليس لهم به علْم} أنه إِله، {وما للظالمين} يعني: المشركين {من نصير} أي: مانع من العذاب. {وإِذا تُتْلى عليهم آياتنا} يعني: القرآن؛ والمنكر هاهنا بمعنى الإِنكار، فالمعنى: أثر الإِنكار من الكراهة، وتعبيسُ الوجوه، معروف عندهم. {يكادون يَسْطُون} أي: يبطشون ويُوقِعون بمن يتلو عليهم القرآن من شدَّة الغيظ، يقال: سطا عليه، وسطا به: إِذا تناوله بالعنف والشدة. {قل} لهم يا محمد: {أفأنبِّئكم بشرٍّ مِنْ ذلكم} أي: بأشدَّ عليكم وأكره إِليكم من سماع القرآن، ثم ذكر ذلك فقال: {النارُ} أي: هو النار.

2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9